ADS 2

الفرق بين النظر والإبصار

الفرق بين النظر والإبصار




حينما وصف الله جل وعلا آلهة المشركين بالنظر المجرد من الإبصار , كان ذلك الوصف الحق الذي ينبغي أن توصف به {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ } [ الأعراف : 198 ] وحينما ذم الله هذه الآلهة التي تُدعى من دون الله جل وعلا وصفها بعدم قدرتها على الإبصار وليست قدرة النظر لأن الفرق بينهما شاسع كما ها هنا , وقد وُصفت كما في قوله : { ألَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ (195) } [ الأعراف : 195 .

البصر في اللغة العربية:

ورد في معجم لسان العرب، قال ابن الأَثـير، فـي أَسماء الله تعالـى البَصِير، هو الذي يشاهد الأَشياء كلها ظاهرها وخافـيها بغير جارحة،  وقـيل: البَصَر حاسة الرؤْية. وقال ابن سيده: البَصَر حِسُّ العَيّنٌ والـجمع أَبْصار
قال سيبويه: بَصُر صار مُبْصِرا، وأَبصره إِذا أَخبر بالذي وقعت عينه علـيه، وأَبْصَرْت الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه : نظر معه إِلـى شيء أَيُهما يُبْصِرُه قبل صاحبه. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَه.

" حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون }، ما تدعوهم إلى الهدى وكأن مجاهدا وجه معنى الكلام إلى أن معناه : وترى المشركين ينظرون إليك وهم لا يبصرون فهو وجه ، ولكن الكلام في سياق الخبر عن الآلهة ، فهو بوصفها أشبه . 

قال أبو جعفر فإن قال قائل : فما معنى قوله : وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون } ؟ وهل يجوز أن يكون شيء ينظر إلى شيء ولا يراه ؟ 

قيل : إن العرب تقول للشيء إذا قابل شيئا أو حاذاه : " هو ينظر إلى كذا " ، ويقال : " منزل فلان ينظر إلى منزلي " إذا قابله . وحكي عنها : " إذا أتيت موضع كذا وكذا ، فنظر إليك الجبل ، فخذ يمينا أو شمالا " . وحدثت عن أبي عبيد قال : قال الكسائي : " الحائط ينظر إليك " إذا كان قريبا منك حيث تراه ، ومنه قول الشاعر : 
إذا نظرت بلاد بني تميم بعين أو بلاد بني صباح

يريد : تقابل نبتها وعشبها وتحاذى . 

قال أبو جعفر فمعنى الكلام : وترى ، يا محمد ، آلهة هؤلاء المشركين من عبدة الأوثان ، يقابلونك ويحاذونك ، وهم لا يبصرونك ، لأنه لا أبصار لهم . وقيل : " وتراهم " ، ولم يقل : " وتراها " ، لأنها صور مصورة على صور بني آدم عليه السلام . "

وعندك إبصارك في حادثة سيدنا موسى في القرآن الكريم , تجد :{ ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين }[ الأعراف : 108 ] فلم يقل للـ"مبصرين " لأن نظرهم حينها كان نظراً معزولاً عن التأمل الباطن , فكأنهم أغشوا أعينهم وجعلوا عليها أكنّة لئلا ينير الحق قلوبهم .

أما في قول الحق جل وعلا :  فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } [ ق : 22 ] فنظر المرء يوم الحاقة , حين تقوم الساعة ثاقب شديد الترقب لعِظَم ذلك الهول .

وحينما استحث الغاوي فرعون قومَه ليروا ملكه قال لهم : { ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون} [الزخرف 51 ]

وبعد هذه الكلمات الموجزة , وبلغة اليوم فالبصر هو حدة العين المفتّحة وإيصال التيار إلى الدماغ للتحليل وللإستجابة وهو بمعنى حدق: to gaze.
أما النظر seeing ,looking, considering, believing : طلبُ معرفة الشَّيء من جهة غيره ومن جهته أو طَلب الهُدَى.

فالفرق بيّن وشاسع بين الأمرين , غير أن القرآن الكريم أشار إلى ذلك قبل قرون عابرة , فسبحان من أعمى أناساً عن الهدى وطمس على بصيرتهم قبل أن يطمس على بصرهم ...

------------------------------------------------------------------------------

المصادر :
1- القرآن الكريم
2- معجم لسان العرب 
3- تفسير الطبري
4-مصادر أخرى
الفرق بين النظر والإبصار Reviewed by Unknown on 4:36 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by ايجى كونت - دعوية , علمية © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.