الشيخ محمد حسان أمة لا تعرف قدر نبيها -2
الشيخ محمد حسان أمة لا تعرف قدر نبيها -2
أيها
الأحبة : والله الذى لا إله غيره لو ظللت الدهر كله أتحدث عن أخلاق رسول الله
r ما استطعت ولكن لخصت عائشة الصديقة الحصان الرزان هذا الخلق العظيم
فى كلمات محددة فقالت : كان خلقه القرآن .
كان
رسول الله r قرآنا متحركا بين الناس .. ولقد جمع الله جل وعلا فى شخص الحبيب
المصطفى أشخاصاً كثيرة ومتعددة فى آن واحد .
فهو
رسول الله من عند الله يتلقى الوحى من السماء ليربط السماء بالأرض بأعظم رباط وأشرف
صلة !!
وهو
رجل سياسة من طرازٍ فريد ، يقيم أمةٌ ودولةً من فتات متناثر فإذا هى بناء شامخ لا
يطاوله بناء تذل الأكاسرة ، وتهين القياصرة ، وتغير مجرى التاريخ فى فترة لا تساوى
فى حساب الزمن شيئاً !!
وهو
رجل حرب من طراز أوحد ، يقود الجيوش ، ويخطط للمعارك ، ويتخذ غرفةً العمليات عن بعد
من أرض المعركة وهذا لم يعلمه التاريخ إلاَّ فى القرن الحالى ، وقام ليختار القادة
فاختار قائداً للميمنة وقائداً للميسرة ، بل ولما انفضت الجموع فى حُنَين قام
الحبيب المصطفى رافعاً سيفه فى ساحة الوغى وميدان البطولة والشرف ، ذالكم الميدان
الذى تصمت فيه الألسنة الطويلة ، وتخطب فيه السيوف والرماح على منابر الرقاب
.
وقف
الحبيب المصطفى يوم أن انفض الأبطال والقادة ليعلن بأعلى صوته قائلاً : (( أنا
النبى لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب )).
(( اللهم نزّل نصرك )) قال البراء : كنا
والله إذا احمرَّ البأسُ نتَّقى به وإن الشجاع منا الذى يحاذى به ( يعنى رسول
اللهr) (1)
وهو
أب وزوجٌ ورب أسرة كبيرة تحتاج إلى كثيرٍ من النفقات ، من نفقات الفكر .. من نفقات
الشعور .. من نفقات التربية .. من نفقات النصح .. فضلا عن نفقات المال
.
فيقوم
الحبيب المصطفى بهذا الدور على أعلى نسقٍ شهدته الأرض ، وعرفه التاريخ
.
وهو
إنسانىٌ من طراز فريد كأنه ما خلق ليزيل الدموع ، كأنه ما خلق إلا ليمسح الآلام عن
القلوب .. يمنح الناس وقته ، وفكره ، وعقله ، وماله ، ونصحه ، وروحه وشعوره
كأنه ما خلق إلا ليسعد الناس فى الدنيا
قبل الآخرة .
وهو
قبل كل ذلك ، وبعد كل ذلك قائم على أعظم وأشرف دعوة شهدتها الأرض ، أخذت عقله وفكره
، وروحه ، ودمه .
فيقوم
المصطفى بهذه الأدوار كلها كأنه ما خلق إلا لكل دورٍ من هذه الأدوار ، ليقوم به على
أعلى نسق وأكمل صورة .
فلقد
بعث الله نبيه المصطفى قدوةً طيبةً فقال : ]لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً[ [الأحزاب:21]
والسؤال
الآن : هل بعث الله نبيه المصطفى لتكون سيرته قصةً تتُلى فى يوم من أيام شهر ربيع
؟! ما أرخصه من حب !!
ما
أرخصه من اتباع وما أرخصه من تقدير !!
أمةٌ
والله لا تعرف قدر نبيها !!
هل
بعث الله نبيه المصطفى r لتكون سيرته قصة تتلى كقصة أبى زيد الهلالى ؟!! وكأننا ما كلفنا أن
نحول هذه السيرة فى حياتنا إلى واقع عملى ومنهج حياة .
حاول
أعداء الأمة أن يحُولوا بين الأمة وبين رسولها 00 أن يحولوا بين الأمة وبين سيرة
النبى العظيم الخاتم لتظل سيرة النبى فى حياة الأمة قصة تُتلى ، وحكاية جميلة
ترددها الألسنة ، وقصائد مزوقة ، وكلمات منمقة ، يحتفل بها عِلْيَةُ القوم وسادة
الناس .
تحتفل
الأمة برسول الله r عَبْرَ قصيدة ، أو عَبْرَ أبيات شعرية ، أو عبر خطبة رنانة أو عبر
ندوة طنانة ، أو عبر ليلة ماجنة ... ليلة يؤتى فيها براقص يسمونه ( مَدَّاحًا
) يقف هذا الراقص بين جموع تصرخ ، وترقص !!
أليس
فى بلادنا من الفقراء من هم فى أمس الحاجة إلى هذا المال .. اتقوا الله يا أيها
الناس والله أنه الكذب . إنه الكذب .. إنه الدَّجل .. ينفق فى ليلة من هذه الليالى
الآلاف بحجة أننا نحتفل بذكرى رسول الله r .. أنحتفل بذكرى رسول الله بالموسيقى والغناء ومزامير الشيطان ..
إنه الدَّجل بعينه .. بدعة منكرة لا أصل لها ولا وجود .
والله
ما فعل ذلك أبو بكر .. والله ما فعل ذلك عمر .. والله ما فعل ذلك عثمان .. والله ما
فعل ذلك علىّ .. إن الإحتفال برسول الله لا يتمثل فى هذه الليالى الساهرة الماجنة
التى يختلط فيها الشباب بالفتيات وترتكب فيه جل المحرمات وإنا لله وإنا له راجعون
.
أهذا
هو الحب لرسول الله r ؟!
أهذا
هو الحب يا عباد الله ؟!!
أيها
الأحبة : لا يعلم قدر رسول الله إلا الله جل وعلا فأنزل الله القرآن ليربى ويعلم
أصحابه وليعلم المسلمين من بعدهم كيف يعاملون رسول الله r وكيف يوقِّرون رسول الله ؟
وهو
عنصرنا الثانى من عناصر هذا اللقاء
((
القرآن يعلم ويربى))
قال
الله عز وجل : ]يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
% يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا
أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ
بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ
% إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ
لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ[ [الحجرات:
1- 3]
]يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ
وَرَسُولِه[
قال
ابن عباس رضى الله عنهما : أى لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة
.
قال
مجاهد : أى لا تفتاتوا على رسول الله r حتى يقضى الله على لسان رسوله r
قال
الضحاك : أى لا تفضوا شيئاً من شرائع دينكم دون الله ورسوله
.
قال
القرطبى : لا تقدموا قولا ولا فعلا على قول الله وعلى قول وفعل رسول الله
r فإن من قدم قوله وفعله على قول وفعل رسول الله فإنما قدمه على الله
لأن رسول الله r إنما يأمر بما أمر الله عز وجل به .
قال
الشنقيطى : (( لا تقدموا بين يدى الله ورسوله )) ويدخل فى ذلك دخولا أولياً
تشريع مالم يأذن به الله وتحريم مالم يحرمه الله وتحليل مالم يحلله ، إذ لا حلال
إلا ما أحله الله على لسان رسوله r ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ولا دين إلا ما شرعه الله على
لسان رسوله r
والسؤال
الآن : هل امتثلت الأمة أمر الله فتأدبت مع رسول الله r ؟
هل
امتثلت الأمة أمر الله فلم تقدم قولها وحكمها وفعلها على حكم وقول وفعل رسول الله
r ؟
والجواب
: لا ، والواقع خير شاهد .
وهذا
هو عنصرنا الثالث من عناصر اللقاء أرجىء الحديث عنه إلى ما بعد جلسة الإستراحة
وأقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .
الخطبة
الثانية :
الحمد
لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله صلى وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى
بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
أما
بعد فيا أيها الأحبة الكرام :
(( الواقع خير شاهد ))
نعم
أيها المسلمون : إن واقع الأمة خير شاهد على أن الأمة لم تمتثل أمر الله وأمر رسوله
.
أمة
تدعى أنها تحتفل برسول الله r فى شهر ربيع فى الوقت الذى نَّحت فيه شريعته وسخرت فيه من سنته
!!
هل
هذا حب ؟!! هل هذا إحتفال ؟!!
أين
السنة ؟! أين شريعة رسول الله r ؟!
هل
تعلمون أن الأمة الآن قد حكَّمت فى الأموال والأعراض والدماء والفروج القوانين
الوضعية الفاجرة الجائرة وعطلت شريعة النبى المصطفى r ؟!
إن
الأمة قد عطلت كتاب الله !! وعطلت سنة رسول الله r !! واستبدلت بالعبير بعراً بالثريا ثرى وبالرحيق المختوم حريقاً
محرقاً مدمراً .
أين
الأمة من دماء تسفك ؟! وأشلاء تمزق ؟! وأعراض تنتهك ؟! ومقدسات تدنس ؟! وهى تغنى
لرسول الله r ؟!!!
الشيخ محمد حسان أمة لا تعرف قدر نبيها -2
Reviewed by Unknown
on
8:19 م
Rating:
ليست هناك تعليقات: