ADS 2

الشيخ محمد حسان (إن الدين عند الله هو الإسلام)-3

 

 الشيخ محمد حسان (إن الدين عند الله هو الإسلام)-3

أولا : مرتبة الإسلام :
        الإسلام لغة : هو الإنقياد والإستسلام والإذعان ، أما اصطلاحاً : أي شرعاً فله حالتان وأرجو أن تركزوا معي جيدا ، لنقف على الفرق بين الإسلام والإيمان  الإسلام في اللغة هو الإستسلام والإذعان والإنقياد لكن إن أطلق لفظ الإسلام في الشرع فله حالتان :
        الحالة الأولى : إذا ذكر لفظ الإسلام مفرداً غير مقترن بذكر الإيمان فحينئذ يراد بالإسلام الدين كله ، انتبه ، أقول : الإسلام لغة هو الإستسلام والإذعان والإنقياد هذا هو المعنى اللغوي ، أما المعنى الاصطلاحي والشرعي فإذا ذكر لفظ الإسلام فله حالتان : إذا أفرد لفظ الإسلام أي دون أن يقترن بلفظ الإيمان فحينئذ يراد بالإسلام الدين كله ، ويدخل في مسمى الإسلام حينئذ الإيمان .
        يعنى لو قلت : إن الدين عند الله الإسلام ، هذه اللفظة وحدها لم تأت معها لفظة الإيمان فحينئذ يراد بالإسلام إن أفرد وأطلق الدين كله ، يدخل فيه أعمال القلب ، وأعمال الجوارح إذا يدخل فيه الإيمان ، ويدخل فيه الإحسان ، ويدخل فيه الصلاة ، ويدخل فيه الزكاة ، ويدخل فيه الحج ، وهكذا ، كقول الله تعالى عز وجل : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ )(آل عمران/19) وكقوله تعالى : ( وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً)(المائدة/3) وكقوله تعالى : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْه )(آل عمران/85) وكقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّة) (البقرة/208) .
        في السلم يعني في الإسلام ، ادخلوا في السلم يعني في الإسلام كآفة .
        وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله ما الإسلام ؟ فقال " أن يسلم قلبك لله عز وجل وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك " قال : فأي الإسلام أفضل ؟ انتبه فأي الإسلام أفضل ؟ فقال النبي r " الإيمان" حديث واضح  .
أقول : إذا ذكر لفظ الإسلام وحده دون أن يقترن بلفظ الإيمان ، فإن الإسلام في هذه الحالة يراد به الدين كله ، ويدخل الإيمان وأعمال الظاهر والباطن على السواء وضربنا بعض الأمثلة بالأدلة من القرآن .
        أما دليل السنة عمرو بن عبسة جاء رجل فقال : يا رسول الله ما الإسلام ؟ فقال " أن يسلم قلبك لله عز وجل وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك " فقال له : فأي الإسلام أفضل ؟ قال "الإيمان" فأدخل النبي الإيمان ضمن الإسلام ، فقال الرجل : وما الإيمان ؟ فقال النبي r " تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت "1 والحديث رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه الكبير ، وقال الهيثمي في المجمع : ورجاله ثقات .
        وهكذا جعل النبي r الإيمان من الإسلام ، وجعل النبي r الإيمان أفضل وأعلى مراتب الإسلام ، إذن إذا ذكر لفظ الإسلام وحده منفرداً أي لم يقترن بلفظ الإيمان فحينئذ يراد بالإسلام الدين كله ويدخل في الإيمان أعمال الإسلام الظاهرة ، وأعمال الإسلام الباطنة ، هذه هي الحالة الأولى .
        الحالة الثانية : إذا أطلق لفظ الإسلام مقترناً بالإيمان يعني إذا ذكرت لفظ الإسلام ولفظ الإيمان معا في آن واحد
        كما في قوله تعالى في الآية التي ترجم بها الإمام البخاري للباب : ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا )(الحجرات/14)
        هذه هي المرتبة الثانية ، ورد لفظ الإسلام مع لفظ الإيمان في وقت واحد فحينئذ لابد أن نعلم أن للإسلام معني وأن للإيمان معني إن قرن لفظ الإسلام بلفظ الإيمان في آن واحد فإن الإسلام يطلق حينئذ وبراد به أعمال الظاهر ، أما الإيمان فيراد به فقط
أعمال الباطن .
        إذا ذكر لفظ الإسلام والإيمان مع بعضهم البعض فيراد بالإسلام حينئذ أعمال الإسلام الظاهرة ، ويراد بالإيمان أعمال الباطن أعمال القلب كالحب ، والرجاء والتوكل، والإنابة ، والتفويض ، والخشية ، والاستعانة ، والرهبة … إلى آخر أعمال القلب .
وفي الحديث الذي ذكرناه الدليل : يا رسول الله مالك عن فلان والله إني لأَراه مؤمناً ؟ قال : " أو مسلما"(1) ففرق النبي r بين الإيمان والإسلام يعلق الحافظ ابن حجر كما ذكرت ويقول : وفي هذا الحديث التفرقة من الفوائد بين مرتبتي الإسلام والإيمان .
        ويوضح ذلك جلياً الحديث الذي تحفظونه جميعاً الذي رواه مسلم وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله r إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه أحد منا فجاء حتى جلس إلى النبي r فأسند ركبتيه على ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه ، ثم قال : يا محمد ما الإسلام ؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " قال : صدقت ، يقول عمر : فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال : أخبرني عن الإيمان .
        إذن هنا فرق بين الإسلام والإيمان قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره" (2) إذن فرق النبي r هنا في هذا الحديث بين مرتبة الإسلام ومرتبة الإيمان .
        وهكذا إذا اقترن الإسلام بالإيمان فيراد بالإسلام حينئذ أعمال الظاهر من صلاة وزكاة وحج ، ويراد بالإيمان حينئذ أعمال الباطن من حب وخشية وإنابة وتفويض ورجاء وتوكل واستغاثة واستعانة إلى آخر أعمال القلب إن الإسلام له مرتبتان مرتبة الإيمان عرفنا أن الإيمان لغة هو التصديق ما الدليل (وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا ) أي بصدق إذن الإيمان لغة التصديق انتبه جيداً ، لأنك قد ترى هذا التأصيل الشرعي موجوداً في بعض كتب العقيدة ترى تأصيلاً شرعياً للإيمان ينبني فقط على التأصيل اللغوي لمعنى الإيمان فحسب ، هذا قصور شديد لا ينبغي أبدا أن يقال : إن الإيمان لغة التصديق فقط لكن اصطلاحاً قول وتصديق وعمل .
        انتبهوا لهذا ، فقد ترى هذا موجوداً في كثير من الكتب التي تتحدث عن العقيدة وإلا لوقعنا فيما وقع فيه المرجئة والكرامية وغيرهم من الفرق التي بينا انحرافها في أول كتاب الإيمان .
        فالمرجئة أخرت العمل عن الإيمان وجعلت الإيمان هو التصديق فقط ، وهذا قصور شديد ، ولا يصح هذا أبدا ، ويخالف معتقد أهل السنة ، فالإيمان لغة : التصديق ، لكن اصطلاحاً : القول باللسان ، والتصديق بالقلب ، والعمل بالجوارح والأركان ، وكل الأبواب التي يترجمها البخاري في كتاب الإيمان يثبت بها هذه الحقيقة ويبين بها معتقد أهل السنة باب حب الأنصار من الإيمان ، باب الصلاة من الإيمان .

الشيخ محمد حسان (إن الدين عند الله هو الإسلام)-3 Reviewed by Unknown on 8:26 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

All Rights Reserved by ايجى كونت - دعوية , علمية © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.